مع اقتراب الذكرى السنوية للاستقلال: أبخازيا تسعى لاكتساب أصدقاء جدد

مع استمرار سعي جمهورية أبخازيا في نيل الاعتراف الدولي والعمل الدؤوب المتواصل لكسب مكانة في المجتمع الدولي، لا تزال النشاطات الدبلوماسية التي تقوم بها الحكومة الأبخازية مستمرة وعلى مختلف الأصعدة
فبعد الزيارة التي تمت مؤخراً لوفد رسمي يرأسه الرئيس الأبخازي راوول خادجيمبا إلى سوريا، ولقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد، وافتتاحه جناح أبخازية في معرض دمشق الدولي، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات التي تتعلق بالتعاون الاقتصادي وتبادل الاعتراف والتمثيل الدبلوماسي.
تواصلت تلك المساعي لضرورة توفير أرضية ثابتة للمضي قدماً في مسعى نيل الاعتراف الدولي، أسوة بالعديد من دول العالم التي ناضلت شعوبها لنيل الاستقلال والحق في تقرير المصير، كما ينص القانون الدولي ومبادئ الشريعة الدولية ممثلة في الأمم المتحدة.
فمفهوم “الشرعية الدولية” الذي طالما استغلته دول الغرب متمثلة في الولايات المتحدة لفرض سياساتها وتعزيز مصالحها على حساب الأخريين، ولم تتوانى عن استخدام القوة الغاشمة تحت ذرائع مفاهيم عديدة تبدأ بـ “الديمقراطية” وصولاً لـ “حقوق الإنسان” حتى “الشرعية الدولية”.
فما حصلت عليه دول كجمهوريات يوغسلافية السابقة مثلاُ في حق الاستقلال وتقرير المصير ونيل الاعتراف الدولي، لا بل انضم عدد من تلك الجمهوريات إلى الاتحاد الأوروبي وحتى حلف شمال الأطلسي.
فلماذا لا يكون من حق جمهورية كأبخازيا الحق في نيل الاعتراف الدولي، فما نص عليه القانون الدولي في حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحديد مبادئ استقلالها، متوفر في أبخازية، لكنها بطبيعة الحال شانها شأن العديد من دول العالم تحتاج لمساعدة ودعم لتطوير البنى والدعائم الأساسية للدولة كالاقتصاد والنشاطات الاجتماعية والفنية والرياضية وتقديم الدعم للحكومة الشرعية المنتخبة “ديمقراطياً” كافة أشكال الدعم لضمان الاستقرار وتجسيد مبادئ القانون الدولي التي تتغنى بها شعوب العالم المتحضر من حقوق إنسان وسلام وتوفير سبل العيش الكريم للسكان، والتي لا يمكن أن تتم دون الحصول على اعتراف دولي وتقديم كافة أشكال الدعم لحفظ وضمان استقرار النظام السياسي الديمقراطي والاجتماعي وقبل والأهم الاقتصادي، والذي من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة جغرافية مهمة في العالم والتي يؤثر أي اهتزاز في استقرارها على الأمن القومي للعديد من دول العالم وليست روسيا فقط.
إن تلك الضرورات ألزمت على روسيا كدولة تتحمل مسؤولية دولية في العالم القيام بما هو ممكن لتقديم الدعم لأبخازيا، في الوقت الدي يتحتم على الدول الأخرى القيام بمثل التحرك الروسي، ولا أبالغ غي قولي أنه يتحتم حتى على جوريجا نفسها الإنضمام لتلك المساعي لما فيه مصلحة مشتركة لجميع شعوب المنطقة، ففي النهاية ما يجمع شعوب المنطقة هو أكثر بكثير مما يفرقها.
فقد تم خلال الاجتماع البرلماني الدولي الذي أقيم في العاصمة الأبخازية سوخومي، الإعلان عن تأسيس “رابطة أصدقاء أبخازيا” حيث أبدى عدد من البرلمانيون الروس استعدادهم للانضمام إلى هذه الجمعية الجديدة.
في إطار الإعداد لاحتفالات الذكرى الخامسة والعشرين لاستقلال أبخازيا، عُقد منتدى تمثيلي في مدينة سخومي عاصمة جمهورية أبخازيا حضره – نواب الجمعية الوطنية لجمهورية أبخازيا – اللجنة البرلمانية المعنية بالعلاقات الدولية والعلاقات بين البرلمانيين والوطنيين، واجتمع ممثلون عن لجنة مجلس دوما في الاتحاد الروسي المتخصصة بشؤون الدول المستقلة (CIS)، والعلاقات التكاملية اليورو- آسيوية مع الشعوب.
قام أعضاء الوفد الروسي، برئاسة نائب رئيس اللجنة كونستانتين زاتولين، بمشاركة فعالة في مناقشة المشاكل التي تشكل هاجساً لدى النواب الأبخاز.
وعلى وجه الخصوص، تم النظر في القضايا المتعلقة بتعزيز التكامل بين أبخازيا والمجتمع الدولي، وبحث موضوع المساعدات المقدمة من قبل الدبلوماسيين الروس لتعزيز عملية الاعتراف بالجمهورية التي باتت اليوم من الدول الشريكة للاتحاد الروسي بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الودية والاتصالات التجارية في جميع المجالات مع الدول المجاورة.
ونتيجة للحوار الذي جرى، تم التوصل إلى عدد من الاتفاقات الأولية بشأن التعاون بين روسيا وأبخازيا في مجال تعزيز القدرة الدفاعية وضمان الأمن وتطوير الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والثقافة والرياضة.
وقد تم تقديم عرض للرابطة البرلمانية الجديدة الناشئة “رابطة أصدقاء أبخازيا” في اجتماع النواب.
وقد وأوضح نائب رئيس لجنة الجمعية الوطنية لجمعية الاتحاد الإقليمي المعني بالعلاقات الدولية والبرلمانية والوطنية أستامور لوجا للصحفيين “أن الأبخاز هم شعب مضياف ولدينا الكثير من الأصدقاء حول العالم، وعليه سيكون من الجميل إذا قمنا باستغلال هذا العامل – وفي النهاية، يجب أن يساعد الأصدقاء بعضهم البعض”!
وأضاف السيد أستامور لوجا للصحفيين: “أن الهدف الرئيسي من إنشاء هذه الرابطة هو تعزيز مصالح بلدنا على المستوى الدولي بشكل فعال، وقبل كل شيء، نيل الاعتراف بسيادة أبخازيا وبالطبع، لا يزال يتعين علينا وضع آليات مشتركة لتنفيذ هذه الفكرة وبعض الخطوات الملموسة والتي تم البدء بها بالفعل”.
وتابع السيد لوجا “أنه في الـ 26 تشرين الثاني / نوفمبر، نحتفل بيوم الدستور لجمهورية أبخازيا، وربما في إطار هذه المناسبة الهامة لبرلمانينا، سنعقد الاجتماع الأول، وهو الاجتماع التأسيسي لـ “رابطة أصدقاء أبخازيا”، ومع وجود زملاء من عدد من الدول – ونحن لا نتحدث هنا فقط عن دول الاتحاد السوفيتي السابق – قد أعربوا بالفعل عن استعدادهم للانضمام إلى رابطتنا”.
وفقاً للبرلمانيين في جمهوىية أبخازيا، فإن الاعتراف بسيادة الجمهورية من قبل أكبر عدد ممكن من الدول سيخلق منبراً لتكوين علاقات سياسية جوهرية جديدة مع العديد من الدول المجاورة.
“25 سنة من الوجود المستقل لأبخازيا سمح لنا بالحديث عن دولة قائمة، عن تحقيق حقيقي لأحلام جميع سكان جمهوريتنا.
إن الثمن الذي دفعه أهالنا من أجل الحصول على استقلالهم مرتفع للغاية بحيث لا يمكن إثارة مسألة إمكانية العودة إلى ظل حماية تبليسي.
علق النائب ألماس دجزوبا “نعم، نحن مستعدون للتعاون، ومنفتحون للحوار – ولكن فقط على مبدأ المساواة وتقرير المصير للشعوب.
فقد آن الأوان، في النهاية، أن تتفهم جميع الدول الداعمة لفكرة حقيقة “استعادة السلامة الإقليمية لجورجيا”.
وفي المقابل ، أيد أعضاء الوفد الروسي تأييداً تاماً فكرة إنشاء “رابطة أصدقاء أبخازيا”.
“ربما لا داعي للتذكير بأن روسيا، شأنها شأن أي دولة أخرى، مهتمة بالاستقرار السياسي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للأراضي والدور المجاورة لها بما يدعم الاستقرار والسلام وضمان الأمن القومي الروسي – لا سيما في جمهورية أبخازيا.
السيد كونستانتين زاتولين، لخص رأي زملائه حيث أوضح قائلاً: “لدينا الكثير من القواسم المشتركة، التي تعد قوة، بالإضافة إلى المصالح الإستراتيجية، وبناءاً عليها يتحتم علينا التعاون في جميع المجالات وحول جميع القضايا التي تمت مناقشتها في اجتماعنا اليوم”.
ولعل ما يمكن إن يختم الحديث عن هذا الموضوع، هو الضرورة في ظل الأزمات التي تعصف في مناطق جغرافية كبيرة في العالم من ويلات وحروب وإرهاب، يتحتم على تلك الدول في الغرب، تلك التي تتغنى بمفاهيم الحريات ومبادئ حقوق الانسان التعاون لضمان استقرار العالم لما فيه مصلحة الجميع.
إن أي تهديد أو إقلاق وزعزعة أمن واستقرار منطقة دول حوض البحر الأسود، لن يكون الغرب في مأمن منها، والدليل هو سوريا، فما جرة في سوريا وصلت أصدائه إلى كل دول العالم، ولا يكاد يوجد بلد إلا وتعرض لجزء من الأزمة السورية.
وهنا يبقى سؤال للعقلاء في هذا العالم المتفجر.
هل ينقصنا أزمات وويلات في العالم اليوم؟
ألا يجب التعاون لدرء تلك الأخطار؟