روسيا والعالم الإسلامي

انعقد في الأسبوع الماضي، خلال الفترة من 10 إلى 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، اجتماع لمجموعة الرؤية الإستراتيجية لروسيا والعالم الإسلامي في الجنوب الروسي وتحديداً في جمهورية داغستان، وذلك لتكريس الجهود لمكافحة الإرهاب والإيديولوجية المتطرفة.
وكان على جدول الأعمال: مناقشة الوضع الحالي في العالم الإسلامي، ودور التعليم كأداة إستراتيجية لمواجهة انتشار الأفكار المتطرفة والنزعات الإرهابية في المجتمعات الإسلامية، وبحث آفاق التعاون بين روسيا والعالم الإسلامي في سياق التهديدات الإرهابية المتنامية.
حضر هذا الاجتماع شخصيات حكومية وعامة ودينية وممثلين عن عدد من الدول والتي تضم أكثر من 25 دولة أجنبية:تركيا، لبنان، الأردن، العراق، المملكة العربية السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، تونس، مصر، سوريا، السنغال، إيران، إندونيسيا، ماليزيا، طاجيكستان وروسيا، بالإضافة إلى دول أخرى.
وكان اللافت حضور سماحة السيد همام باقر عبد المجيد حمودي، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، وكان حضوره وعرض جهات نظره حول جدول أعمال الاجتماع هاماً، حيث أوضح وجهة نظره في عدد من الجوانب المطروحة.
وعلى وجه الخصوص، أعرب سماحة السيد همام باقر حمودي عن رضاه بالأمن، سواء في روسيا عموماً وفي داغستان خصوصاً. فقد صرح بأنه لم يرى مثل الحرص والاهتمام بالأمن والتدقيق لما فيه من ضصمان للأمن والسلام. فكل شيء سلمي ومتحضر.
كما أسهب في حديثه عن داغستان، حيث تكلم عن معاناة شعب داغستان من ويلات الإرهاب والتطرف، ومقدرته الملفتة للخروج من تلك المرحلة الصعبة، ومع ذلك لم يتعرض الدين للإساءة، حيث لم يخشى الناس من الإسلام، والزعماء الدينيين، ومع وجود عدد من المتنورين والعارفين تم الحفاظ على رابط الناس بالإسلام وضمان الاستقرار.
“في داغستان، يتزايد عدد المساجد والمتمسكين بتعاليم الدين الحنيف؛ وعدد المؤسسات التعليمية الدينية آخذ في الازدياد. كل هذا يشير إلى أن المسار السياسي الذي اختاره القادة في روسيا كان المسار الصحيح، على عكس العديد من الدول الأخرى.
وشدد سماحة السيد همام باقر حمودي على أن حكومة البلاد تقوم بمهارة ببناء علاقات مع ممثلي الطوائف الدينية، معتمدين على التاريخ الغني والترابط التاريخي الذي يعود إلى قرون خلت والتي كانت مفعمة بالتفاعل والتعاون بين المسلمين بكل أمان وسلام.
وفي حديثه عن روسيا، لفت الانتباه إلى حقيقة مفادها أن “روسيا تحل كل المشاكل الداخلية بنفسها من خلال التوصل إلى اتفاقات، واللجوء إلى الحوار وعدم السماح بتدخل بلدان أخرى في شؤون البلاد الداخلية وشؤون مواطنيها.
وقال: لننظر إلى ما يحدث في لبنان وسوريا، حيث تدخلت قوات من دول أجنبية؟
هذه التدخلات لا تضر الحكومات فحسب بل والشعوب أيضاً.
كما تطرق سماحة السيد همام باقر حمودي لبعض المشاكل الدولية القائمة، حيث قال: “نحن اليوم بحاجة ماسة لبناء نظام سياسي جديد يقوم على الالتزام بمبادئ السلم والقانون الدولي واحترام رأي الشركاء، والالتزام بالاتفاقات التي توصل إليها الجميع.
كما قدم سماحة السيد همام باقر حمودي وصفاً موجزاً لما تقوم به الولايات المتحدة والدول الحليفة لها من تجاوزات وجرائم والتي تسببت بانقسام العالم إلى قسمين، ولم تتوانى عن الاعتماد على شتى السبل لتحقيق الهيمنة السياسية، وكانت العديد من المناطق حول العالم ضحية لها بسبب تآكل المعايير الأخلاقية فيها، بالإضافة إلى الانجراف خلف الدعاية المضللة للمجتمع، ناهيك عن الهيمنة الاقتصادية كاعتماد اقتصاد العديد من الدول على الدولار والوقوع ضحية الغطرسة الأميركية والاستغلال البغيض.
كما تكلم سماحة السيد عن روسيا وكيفية تعاملها مع هذا الضغط، وقال: آمل أن تتمكن من التغلب على كل الصعوبات التي يجب مواجهتها.
وذكر أن مواقف كل من العراق وروسيا تتطابق في العديد من المواقف، حيث لخص سماحة السيد همام الوضع في منطقة الشرق الأوسط وسوريا بالتحديد. حيث تكلم عن العمل لتفادي سوريا خطر محاولات التقسيم على أساس النزعات الدينية والمذهبية والعرقية.
وفيما يخص العراق فقد ذكر أنه قد تم بذل محاولات مماثلة في العراق.
وبما يخص الوضع الحالي، يجب على الدول العربية والإسلامية التغلب على جميع الخلافات وإقامة روابط اقتصادية والتقدم نحو تطوير علاقات مبنية على أسس سليمة.
هذا وقد اختتم الاجتماع الرابع لمجموعة الرؤية الإستراتيجية لروسيا والعالم الإسلامي بتبني قرار ذي صلة ينص على أنه وفي ظل الظروف الدولية الحالية التي وصلت إلى درجة عالية من التوتر، بات التفاعل والتعاون بين روسيا والعالم الإسلامي أمراً بالغ الأهمية للتصدي لتلك التهديدات، وفي الوقت نفسه، بات لزاماً العمل على تهيئة الظروف للحوار البناء والتعاون الفعال.
كان من ملاحظ خلال الاجتماع وهو ليس الأول من نوعه في روسيا، حيث عبر المشاركون عن دور روسيا والتي تولي اليوم أهمية خاصة لتنمية العلاقات الودية مع الدول الإسلامية في مختلف المجالات، مع تبني رؤية مشتركة في حل المشاكل العالمية والمشاكل الداخلية في العديد من البلدان، بما في ذلك القضايا والظواهر المعادية للمجتمعات كالتطرف والتي تهدد بنية مجتمعات العالم الإسلامي، مع تعميق التعاون لزيادة التقارب بين المجتمعات الإسلامية في دول العالم.
وقد أكد المتحدثون على التجربة الإيجابية لروسيا في الحرب ضد التطرف والإرهاب سواء داخل البلاد أو على الساحة الدولية.
وهذا وسيتم عقد الاجتماع القادم لمجموعة الرؤية الاستراتيجية لروسيا والعالم الإسلامي في خريف العام القادم في العاصمة السعودية الرياض.